بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء
و المرسلين محمد و على آله و صحـــــبه أجمعيـــــن .. و بعــد :
فلقد اصطفى اللهُ آدم من بين الخلائق .. واصطفى من ذرية آدم رجالاً ليحملوا على أعناقهم أمانة الرسالة .. و اصطفى من هؤلاء الرسل نبينا محمداً صلوات ربي وسلامه عليه .. فكان لابد لهذا النبي من أصحاب يحمونه ويؤازرونه و يصدقون به .. فاصطفى الله من ذرية آدم رجالاً ونساءً .. واصطفى من هؤلاء الرجال أبا بكر الصديق رضـي الله عنه.
أبو بكر .. صحابي جليل .. خير أصحاب نبينا محمد صلى الله عليه و سلم رفيق الرسول .. ثاني اثنين .. هنا سأطرح بين أيديكم بعضاً من خصال هذا الصحابي الجليل رضوان الله عليه .. و على باقي الصحابة الكرام
* من هو أبو بكر الصديق ؟
هو عبدالله بن عثمان بن كعب التيمي القرشي رضي الله عنه .
يلقب بـ ( الصديق ) ؛ لأنه كان يصدق الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر به ..
و كذلك ( عتيق ) ؛ لأنه كان يعتق من أسلم من العبيد الموالي
و أشهر ألقابه : ( أبو بكر ) ؛ لأنه بكر إلى الإسلام .. و أسلم مع النبي .
* حياته قبل الإسلام .
كان تاجراً يبيع الثياب .. كان من أثرياء قريش و أسيادها .. كان يعرف برجاحة العقل ورزانة التفكير، وأعرف قريش بالأنساب. وكانت له الديات في قبل الإسلام. وكان ممن حرموا الخمر على أنفسهم في الجاهلية، ولم يكن يعبد الأصنام لكنه كان حنيفاً على ملة إبراهيم. تزوج رضوان الله عليه من ( قتيلة بنت عبدالعزى ) ثم من ( أم رومان - رضي الله عنها ) .
* إسلامه رضي الله عنه .
كان أبو بكر من أوائل من أسلم من الصحابة، حتى قيل إنه أول من أسلم إطلاقاً من الذكور
و لكن الشيعة يقولون : أن أول من أسلم من الذكور هو علي بن أبي طالب رضي الله عنـه
و الصحيح و الراجح و الله تعالى أعلم أن أول من أسلم من الذكور هو أبو بكر الصديــــــق
* حياته بعد الإسلام .
أسلم مع النبي عليه الصلاة و السلام ثم بدأ هو أيضاً يساند النبي صلى الله عليه وسلم في نشر الدين الحنيف .. فأسلم على يديه الكثير .. و من أبرز من أسلم على يديه ( نصف العشرة المبشرين بالجنة ) : عثمان و طلحة و الزبير و عبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص و غيرهم كثيــــر .
* هجرته إلى المدينة النبوية .
لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم الهجرة إلى المدينة طلب من أبي بكر مرافقته .. و أشهر ما حدث لهما قصة غار ثور .. و التي نزل فيها قوله تعالى : (( إذ هما في الغار إذ يقل لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ))
* مرافقته للنبي في المدينة .
كانت هناك مواقف عظام سطرها التاريخ لهذا الرجل في الدفاع عن عقيدته و الذود عن نبيه صلى الله عليه وسلم ، شارك في جميع غزوات النبي صلى الله عليه و على آله .
* خلافته رضي الله عنه .
كان أبو بكر أحق الناس بالخلافة .. وقد اجتمع أمر الصحابة في سقيفة بني ساعدة للتشاور في الخليفة و اتفقوا عليه .. خلاف ما يقول الشيعة : أنه اغتصب الخلافة من علي بن أبي طالب .
خلال خلافته أرسل جيش أسامة بن زيد الذي جهزه الحبيب صلى الله عليه وسلم .. كما حارب المرتدين الذين رفضوا دفع الزكاة . ودامت خلافته عامين و أشهر .. رضي الله عنه و أرضاه .
* أبو بكر في القرآن الكريم .
1- قال تعالى : (( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )) التوبـــــــــة
أ - تفسير ابن كثير : " فَخَرَجَ مِنْهُمْ هَارِبًا صَحِبَهُ صَدِيقه وَصَاحِبه أَبُو بَكْر بْن أَبِي قُحَافَة فَلَجَأَ إِلَى غَار ثَوْر "
ب- تفسير الجلالين : " "ثَانِي اثْنَيْنِ" حَال أَيْ أَحَد اثْنَيْنِ وَالْآخَر أَبُو بَكْر "
ج- تفسير الطبــري : " { ثَانِي اِثْنَيْنِ } رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْر , رَضِيَ اللَّه عَنْهُ "
د - تفسير القرطبي:" أَيْ أَخْرَجُوهُ مُنْفَرِدًا مِنْ جَمِيع النَّاس إِلَّا مِنْ أَبِي بَكْر "
هـ - تفسير الطوسي ( عند الشيعة ) : { ثاني اثنين }. وهو نصب على الحال اي هو ومعه آخر، وهو ابو بكر في وقت كونهما في الغار من حيث { قال لصاحبه } يعني ابا بكر { لا تحزن } اي لا تخف. ولا تجزع { إن الله معنا } أي ينصرنا .
و- تفسير الطبرسي ( عند الشيعة ) : { ثاني اثنين } يعني أنه كان هو وأبو بكر { إذ هما في الغار } ليس معهما ثالث أي وهو أحد اثنين ومعناه فقد نصره الله منفرداً من كل شيء إلا من أبي بكر { إذ يقول لصاحبه } أي إذ يقول الرسول لأبي بكر { لا تحزن } أي لا تخف { إن الله معنا } يريد أنه مطّلع علينا عالم بحالنا فهو يحفظنا وينصرنا
ز- تفسير الأعقم ( الشيعة الزيدية ) : فخرج معه أبو بكر إلى الغار ثقب في أعلى جبل ثور وهو جبل في يمنى مكة على مسيرة ساعة .
2- قال تعالى : (( سيجنبها الأتقى )) الليل
أ - تفسير القرطبي : أَيْ الْمُتَّقِي الْخَائِف . قَالَ اِبْن عَبَّاس : هُوَ أَبُو بَكْر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُزَحْزَح عَنْ دُخُول النَّار .
* أبو بكر في السنة النبوية
1- ((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه ، عاصبا رأسه بخرقة ، فقعد على المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إنه ليس من الناس أحد أمن علي في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة ، ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن خلة الإسلام أفضل ، سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد ، غير خوخة أبي بكر .)) رواه البخاري
2- (( لو كنت متخذا من أمتي خليلا ، لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخي وصاحبي )) رواه البخاري
3- (( لو كنت متخذا خليلا لتخذت أبا بكر خليلا . ولكنه أخي وصاحبي . وقد اتخذ الله ، عز وجل ، صاحبكم خليلا )) رواه البخاري
4- ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما ، فجئت بنصف مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ فقلت : مثله ، وأتى أبو بكر - رضي الله عنه - بكل ماله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ فقال : أبقيت لهم الله ورسوله فقلت : لا أسابقك إلى شيء أبدا ))
* هذه هي سيرة أبي بكر و بعض الآيات و الأحاديث التي دلت على مكانته و منزلته جمعتها باختصار شديد لأبين فيها فضل هذا الصحابي الجليل رضوان الله عليه .. فأين من يسبه و يلعنه و يشتمه .. ألم يسمع هذا الضال حديث النبي صلوات الله وسلامه عليه و على آله حينما قال : (( لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)) محمد صلى الله عليه و آله يقول : (( لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً )) وذلك الضال يلعن أبو بكر .. سبوا أبا بكر مدعين أنهم يفضلون علياً بن أبي طالب - رضي الله عنه - عليه .. و والله أنه ما فضل أبا بكر على علي إلا الإسلام .. كلامي لا يعني أنني لا أحب علياً رضوان الله عليه .. بل و الله أفديه بنفسي و مالي و أهلي و الناس جميعاً .. و لكن لكل محبة حدود .. فأبوبكر - عندنا - أفضل من عمر و عمر - عندنا - أفضل من عثمان و عثمان - عندنا - أفضل من علي و علي - عندنا - أفضل من باقي الصحابة .. رضــــوان الله عليهم أجمعين .. باختصار عقيدتنا في الصحابة عموماً .. و أبو بكر خصوصاً :
1- اعتقاد أنهم كلهم عدول و هم أفضل الأمة .. و أن أبو بكر أعدلهم و أفضلهم
2- الترضي عنهم و الاستغفار لهم
3- محبتهم رضي الله عنهم فحبهم إيمان .. و بغضهم نفاق
4- نتبع هديهم و نستن بسنتهم كما قال النبي : (( عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عظوا عليها بالنواجذ ))
سوف يكون هناك مواضيع خاصة بباقي الخلفاء الأربعة - رضي الله عنهم -